تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
طيف
يقودني لهفة لرؤيتها .. قلت من تكون ؟ .قال: طفلة في ريعان شبابها ، فنانة
في تاريخ زمانها .. عاشقة لوطنها ، زادتني هذه الأوصاف شوقا للقائها ، من
تكون ؟ إهداء من قلب تألم لرؤية دمعة ذرفت على خدود البراءة حلما للحرية ، و
حنينا إلى صدر أمها ، يسقيها دفئا وحنانا .. قصتي ستكون حوارا بين طفولتي
وعدوي ونصر حبيبتي .. فان أخطأت أعتذر لكن ستبقى أسما كلمة في الوجود..
وروح التواصل بين القلوب مستمرا إلى الأبد .. غير أن همسة فؤادي تزيدني
شوقا ولهفة إلى زيارة المشتاقين لنعمة المحبة ، وقلوب متعطشة لحلو الكلام
.. بدأت قصتي بهذه الكلمات داعية الله أمل النجاح .. كتبت:
حملتني في بطنها تاريخ السنين ، ورزقت بي أمل ويقين ، ترعرعت في قلبها حبا
وحنين ، وستبقى ينابيع مياهها العذبة حلو الكلام ، وأطعمتني من شجر الزيتون
، نعم هكذا هي أمي الحبيبة .
حلمت كأية طفلة أن ألتحق بمدرستها لأتعلم وأدرس وأنجح ، ليأتي ذاك اليوم و
تحقق حلمي ، استيقظت باكرا رغم أني لم أنم جيدا .. ليلي طويل تحت قصف عاصفة
العدو أنتظر أول إشراقة ليوم جديد في حياتي ، ارتديت ملابسي و أخرت محفظتي
بعد أن تناولت فطور الصباح على خبز وزيتون ، واتجهت مسرعة نحو المدرسة
التي بدأت قصتي معها أمل وألم .
دق الجرس وقفت في الصف الأول وأنا سعيدة ، دخلت القسم ، دخل المدرس وقفنا
فحيانا قائلا: شلوم ، أجابته : وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته ..
توجه بنظراته إلي وشتمني وصفعني ، بكيت لأني لا أدري أين الخطأ ؟ وحاول
طردي من الصف ، أعتذرت له وطلبت السماح منه ، وكنت أظن أنه رجل طيب ، ويا
أسفي على قلب حجر أصم قاس جاف .. نظر إلي نظرة احتقار واستهزاء ، قرأت في
نظراته دمارا وعدوان ، وقال : اجلسي وإن عدتِ إلى الخطأ مرة أخرى ستحرمين
من الدراسة للأبد .
ثم توجه نحو مكتبه ليقف أمام السبورة وبدأ الدرس بعنوان : أملنا دخول القدس
، ولن أنسى مضمونه مادمت حية ، نزل علي عنوان الدرس كالصاعقة آه على قلبي
تمزق على وطني الغالي ، ، لم أعر المدرس اهتماما ولا الدرس ، أخذت قلم
الرصاص وورقة وبدأت أرسم لوحة فنية في غاية الجمال وصفها: شمس مشرقة شعاعها
الحرية ، ولؤلؤة تنير درب بيت المقدس ، وعلم يرفرف عاليا في السماء ،
وكتبت العنوان : أحبك فلسطين .. دقائق انتبه المدرس ولاحظ أني غير مهتمة
بالدرس وأنا ألهو مع رسمي وابتسامتي لبلدي ، توجه نحوي وأخذ الورقة ، سألني
: ما هذا ؟ قلت : وطني ، حبي ، أمي حرية فلسطين ، مزق الورقة ومزق قلبي
معها ، مزق وطني ببناء جدار التهميش ، وصفعني مرة أخرى وطردني من القسم
قائلا : ستحرمين الحلم الوحيد .. خرجت مسرعة وأنا أجهش بالبكاء ، لا أدري
إلى أين؟ .. ثم ابتسمت ومسحت دموعي وقررت أن أكتب هذه الكلمات :-
أمي يا وطني الغالي يا درة فؤادي هاأنا أقف بساحة قلبك والله لو قتلوني
وقطعوني ورموا بأشلائي فلن أصمت ، نقشْتكِ حروفا في ذاكرتي ، ولكل حرف ألف
معنى ، غرست في فؤادي بذرة النصر ، وسقيتها عبارة رفرفت مع نسيم أيامي ،
فدعينا نرحل مع حروفكِ. حبيبتي :
- حرف الفاء : فارس النصر طل على جواده يحمل بيده راية تلوح في سمائك أملاً وحرية.
- حرف اللام : لمسة جبيني على أرضك الطاهرة ، وقبلة شوق لتضميني حنين الوطن.
- حرف السين: سر وجودي أنت ووحدة كياني ، سرك طيف تاريخك المجيد، يا أرض الإسراء والمعراج.
- حرف الياء : يوم وراء يوم ولؤلؤة القدس تنير الكون إشراقة الوحدة والصمود.
- حرف النون : نور طاف بين شوارع وأزقة أرضك ينادي قوموا إلى الأمام يا أحباب.
نعم كهذا هي حروفك.
"جنين" بقيت صامدة في وجه نار العدو
"غزة" فتحت باب قلبها لسعادة أبنائها
"حيفا" يا عزة الفؤاد
"نابلس" أخوة ومثل
"بيت لحم" مهد المسيح .. لكل شبر في جسدك تاريخ ، فما أجملك وطني .