تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :
فضل قراءة القرآن في رمضان
إن قراءة القرآن الكريم هي التجارة الرابحة – مع الله تعالى - التي لا خسارة فيها؛ لقول الرسول r: «من قرأ
حرفا من كتاب الله, فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول }الم{ حرف، ولكن: ألف حرف، ولام حرف، وميم
حرف» [صحيح رواه الترمذي]، وقوله r: «اقرؤوا القرآن، فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه» [رواه مسلم]،
وقوله r: «الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة...» [متفق عليه].
لذلك يُقال لصاحب القرآن يوم القيامة: «اقرأ, وارتقِ, ورتل, كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منـزلتك عند آخر آية
تقرؤها» [رواه الترمذي].
ويتأكد هذا الفضل العظيم لتلاوة القرآن في شهر رمضان؛ لأنه شهر القرآن. قال تعالى: }شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ
فِيهِ الْقُرْآَنُ{ [البقرة: 185].
وقد كان رمضان مخصصا لتدارس القرآن بين جبريل – عليه السلام - ومحمد r، في كل سنة، كما في الصحيحين
عن ابن عباس – رضي الله عنهما - قال: (كان رسول الله r أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين
يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان, فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلمr أجود
بالخير من الريح المرسلة) [متفق عليه].
وفي العام الذي توفي فيه رسول الله r عارضه جبريل – عليه السلام - القرآن مرتين.
قال الزهري – رحمه الله: (إذا دخل رمضان, فإنما هو قراءة القرآن، وإطعام الطعام). وكان الإمام مالك - رحمه الله
- إذا دخل رمضان ترك قراءة الحديث, وأقبل على قراءة القرآن الكريم من المصحف.
ملاحظة:
إن بعض الناس يظنون أن ختم القرآن مقصود لذاته، فيهُذُّ الواحد منهم القرآن هَذَّ الشعر، بدون تدبره، ولا خشوع،
ولا ترقيق للقلب، ولا وقوف عند المعاني، بل همُّه الوصول إلى آخر السورة, أو آخر الجزء، أو آخر المصحف.
ولا شك أن القرآن ليس لهذا أُنزل؛ فإن الله – تعالى - يقول في هذا الكتاب الكريم نفسه: }كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ
مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ{، }وَرَتِّلِ الْقُرْآَنَ تَرْتِيلًا{.
فمن الخطأ أن يحمل أحدنا الحماسُ إذا سمع الآثار عن السلف التي تفيد أنهم يختمون القرآن كل يومين مرة، أو
كل يوم مرة، فيقول: لا بد أن أقتدي بهم، ويمضي بهذا القرآن هذا، غير متمعن, ولا متدبر، ولا مراع لأحكام التجويد
أو مخارج الحروف الصحيحة.
إن كون العبد يقرأ بعضا من القرآن، جزءا، أو حزبا، أو سورة – بتدبر وتفكر - خير من أن يختم القرآن كاملا بدون أن
يعي شيئا منه([2]).