بسم الله الرحمان الرحيم
أوصت أعرابية ابنتها في ليلة زفافها فقالت:
أي بنية إن الوصية لو تركت لفضل أدب، تركتها لذلك منك، ولكنها تذكرة الغافل، ومعونة العاقل.
أي بنية انك فارقت بيتك الذي منه خرجتِ، وعشك الذي فيه درجتِ، إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه،
فكوني له أمةً يكن لك عبداً، واحتفظي له خصالاً عشراً:
* أما الأولى والثانية: فاصحبيه بالقناعة، وعاشريه بحسن السمع والطاعة.
* وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لموضع عينيه وانفه، فلا تقع عينيه منك على قبيح، ولا يشم منك إلا أطيب ريح.
* وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت طعامه ومنامه، فإنّ تواتر الجوع ملهبةً، وتنغيص النوم مغضبةً.
* وأما السابعة والثامنة: فالاحتراس بماله، والادعاء على حشمه وعياله، فملاك الأمر في المال: حسن التقدير، وفي العيال: حسن التدبير.
* وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصي له أمراً، ولا تفشي له سراً، فإنك إن خالفته أوغرت صدره، وإن افشيتي سره لم تأمني غدره.
ثم إياك والفرح بين يديه إذا كان مهتماً، والكآبة بين يديه إذا كان فرحاً، فإن الخصلة الأولى من التقصير، والثانية من التكدير، وكوني اشد الناس له إعظاما، يكن أشدهم لك إكراماً،
واعلمي
انك لا تصلين إلى ما تحبين حتى تفضلي رضاه على رضاك، وهواه على هواك فيما أحببت وكرهت، والله يخير لك.